الخميس، ٥ فبراير ٢٠٠٩

رسالة بالبريد المستعجل - من أحمد مطر الى باراك حسين أوباما

مِن أوباما..
لِجَميعِ الأعرابِ شُعوباً أو حُكّاما:
قَرْعُ طَناجِرِكُمْ في بابي
أرهَقَني وَأطارَ صَوابي..
(افعَل هذا يا أوباما..
اترُك هذا يا أوباما
أمطِرْنا بَرْداً وسَلاما
يا أوباما.
وَفِّرْ للِعُريانِ حِزاما!
يا أوباما.
خَصِّصْ للِطّاسَةِ حَمّاما!
يا أوباما.
فَصِّلْ للِنَملَةِ بيجاما !
يا أوباما..)
قَرقَعَة تَعلِكُ أحلاماً
وَتَقيء صَداها أوهَامَا
وَسُعارُ الضَّجّةِ مِن حَوْلي
لا يَخبو حتّى يتنامى.
وَأنا رَجْلُ عِندي شُغْلٌ
أكثَرُ مِن وَقتِ بَطالَتكُمْ
أطوَلُ مِن حُكْمِ جَلالَتِكُمْ
فَدَعوني أُنذركُمْ بَدءاً
كَي أحظى بالعُذْر ختاما:
لَستُ بِخادمِ مَن خَلَّفَكُمْ
لأُساطَ قُعوداً وَقياما.
لَستُ أخاكُمْ حَتّى أُهْجى
إن أنَا لَمْ أصِلِ الأرحاما.
لَستُ أباكُمْ حَتّى أُرجى
لأكِونَ عَلَيْكُمْ قَوّاما.
وَعُروبَتُكُمْ لَمْ تَختَرْني
وَأنا ما اختَرتُ الإسلاما!
فَدَعوا غَيري يَتَبَنّاكُمْ
أو ظَلُّوا أبَداً أيتاما!
أنَا أُمثولَةُ شَعْبٍ يأبى
أن يَحكُمَهُ أحَدّ غَصبْا..
و نِظامٍ يَحتَرِمُ الشَّعبا.
وَأنا لَهُما لا غَيرِهِما
سأُقَطِّرُ قَلبي أنغاما
حَتّى لَو نَزَلَتْ أنغامي
فَوقَ مَسامِعِكُمْ.. ألغاما!
فامتَثِلوا.. نُظُماً وَشُعوباً
وَاتَّخِذوا مَثَلي إلهاما.
أمّا إن شِئتُمْ أن تَبقوا
في هذي الدُّنيا أنعاما
تَتَسوَّلُ أمْنَاً وَطَعاما
فَأُصارِحُكُمْ.. أنّي رَجُلُ
في كُلِّ مَحَطّاتِ حَياتي
لَمْ أُدخِلْ ضِمْنَ حِساباتي
أن أرعى، يوماً، أغناما

الشاعر أحمد مطر

الاثنين، ٢ فبراير ٢٠٠٩

العرب والعالم

أصبح العرب أكثر شعوب الأرض انقساما وانهزاما وتخلفا. ما الذي أدى لهذا الوضع المشين يا ترى؟ لم يعد للعرب أصدقاء في هذا الزمان ، انفض عنهم كل أصدقائهم ولم يتبق سوى مستعبديهم الذين يمقتونهم ويحتقرونهم مع كل الخدمات المجانية التي يؤديها الحكام الأشاوس المغاوير.

كان الاتحاد السوفيتي صديقا كبيرا لنا والذي وقف بجانبنا في 56 و 73 (حتى درجة الاستعداد النووي) وزودنا بالسلاح بعد نكسة 67 (عوضا عن الذي تدمر بالكامل) والذي حاربنا به في 73 ، وساعدنا في بناء حائط الصواريخ الذي حمى سماءنا من الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية. بل إن الطيارين السوفيت اشتبكوا في بعض المرات مع الطيران الإسرائيلي وخسروا طيارين لهم. إذا اعتقد أحد أنني أبالغ فليقرأ ما قاله الفريق سعد الشاذلي عن حرب 73 في برنامج شاهد على العصر والمسجل على موقع قناة الجزيرة.

كانت أمريكا دائما هي العدو الذي وقف دائما مع الكيان الصهيوني في كل جرائمه والتي فتحت له جسرا جويا في حرب 73. فماذا كانت مكافأة الاتحاد السوفيتي منا بعد ذلك؟ كانت المساهمة في تدميره وانهياره لحساب أمريكا وحليفتها إسرائيل وذلك في حرب أفغانستان التي لم يكن لنا فيها ناقة ولا جمل. أنا لا أنكر حق الأفغان في الدفاع عن أرضهم ولكن كانت فلسطين أولى بالشباب العرب الذين ضحوا بحياتهم هناك في حرب كانت في النهاية نتيجتها وبالا وشؤما علينا حيث انفردت أمريكا بالعالم وخسرنا الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية حلفاءنا الاستراتيجيين لما يزيد على عشرين عاما. أضف إلى ذلك أن الأفغان لم يتمتعوا بأي استقلال واستمروا في نزاعاتهم الحمقاء حتى أتت أمريكا في النهاية واحتلتهم بنفسها!

كذلك بطرق وأخطاء مشابهة خسرنا الصين والهند (ولاحقا روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي) واللذين ناصرا الحقوق العربية والفلسطينية لزمن طويل قبل الهيمنة الأمريكية المشؤومة. وبالمثل خسرنا إيران كدولة إسلامية شقيقة واكتسبنا ومازلنا عداوتها بعد تآمرنا عليها في حرب الخليج الأولى. لم نكتف بهذا بل قمنا بالتواطؤ والتآمر على دولة عربية شقيقة هي العراق (والتي انتهت فعليا كدولة عربية). أيضا السودان والصومال أصبحا ضحية للتواطؤ والخذلان العربي.

هل هناك سفه أكثر من ذلك من بين كل شعوب الأرض. الحلفاء والأشقاء نتآمر عليهم ونطعنهم من الخلف. والأعداء نتعامل معهم معاملة العبد لسيده ونضخ لهم النفط والغاز بأسعار مخفضة. ثم لا ننال منهم إلا الازدراء والتحقير في أفلامهم وكتبهم وصحفهم وكافة وسائل إعلامهم ، وأيضا الإبادة تحت لهيب قنابلهم الحارقة والسحق تحت جنازير مدرعاتهم ، وما أبو غريب عنا ببعيد حتى نعلم كم الاحترام الزائد الذي نتمتع به في نظرهم!

الشعوب رضيت بالمهانة والاستسلام لجلاديها الذين مرغوا كرامتها في الوحل. والحكام ماهم إلا مجموعة من المرتزقة محدوي المواهب والتفكير لا يحسنون أي شيئ إلا القمع والانبطاح أمام الأعداء.

أصبحت إسرائيل الآن صديقة للعرب المعتدلين (أقصد المعتلين) في مواجهة محور إيران-سوريا-حماس-حزب الله والذي أصبح عند هؤلاء المختلين هو العدو الذي لا بد من القضاء عليه على يد ماما أمريكا والشقيقة الكبرى إسرائيل! حتى أن معتوها من الكويت (يسمي نفسه مستشارا للأمن القومي) قال ذات مرة أن الكويت تحت حماية المظلة النووية الإسرائيلية. إذا كان هذا هو الفكر السائد عند هؤلاء القادة (سمهم المقودين او القوادين كما شئت) فلنستبشر إذا بما هو أفظع من هيروشيما ونجازاكي طالما أن أعداءنا الوجوديين سلمناهم ظهورنا لحمايتها ، ممن ياتري؟ منا بالطبع!

في النهاية لا أرى أي أمل سوى ثورة جارفة تطيح بكل الأنظمة العميلة ومعها أجهزة قمعها ومخابراتها ومشايخ ضلالها (بالذات في مصر والسعودية). نريد ثورة على نسق الثورة الفرنسية حتى يتحرر العرب من العبودية. إن لم يفعل العرب هذا فمرحبا بالأتراك أو الإيرانيين لحكم العرب وتوحيدهم قسرا طالما فشلوا هم في توحيد أنفسهم ، ولتكن خلافة عثمانية جديدة أو خلافة فاطمية أخرى ، أو ربما دولة جديدة للماليك (فهم ربما الأصلح لحكم الأحرار العرب). إن لم يكن هذا ولا ذاك فربما يختفي العرب من التاريخ ونصبح هنودا حمرا آخرين.

رغم كل ما يبدو في كلامي من تشاؤم فما زلت متمسكا بالأمل أن تصحو شعوبنا (وتمنيت أن أقول شعبنا أو أمتنا) قبل فوات الأوان.


إبراهيم